فصل: الشاهد الرابع والعشرون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.حصار الإفرنج مدينة حماة.

ثم وصل في جمادي الأولى إلى ساحل الشام زعيم من طواغيت الإفرنج وقارن وصوله هزيمة صلاح الدين وعاد إلى دمشق يومئذ توران شاه بن أيوب في قلة من العسكر وهو مع ذلك منهمك في لذاته فسار ذلك الزعيم بعد أن جمع فرنج الشام وبذل لهم العطاء فحاصر مدينة منهمك في لذاته فسار ذلك الزعيم بعد أن جمع فرنج الشام وبذل لهم العطاء فحاصر مدينة حماة وبها شهاب الدين محمود الحارمي خال صلاح الدين مريضا وشد حصارها وقتالها حتى أشرف على أخذها وهجموا يوما على البلد وملكوا ناحية منه فدافعهم المسلمون وأخرجوهم ومنعوا حماة منهم فأفرجوا عنها بعد أربعة أيام وساروا إلى حارم فحاصروها ولما رحلوا عن حماة مات شهاب الدين الحارمي ولم يزل الافرنج على حارم يحاصرونها وأطعمهم فيها ما كان من نكبة الصالح صاحب حلب لكمستكين الخادم كافل دولته ثم صانعهم بالمال فرحلوا عنها ثم عاد الإفرنج إلى مدينة حماة في ربيع سنة أربع وسبعين فعاثوا في نواحيها واكتسحوا أعمالها وخرج العسكر حامية البلد إليهم فهزموهم واستردوا ما أخذوا من السواد وبعثوا بالرؤس والاسرى إلى صلاح الدين وهو بظاهر حمص منقلبا من الشام فأمر بقتل الاسرى والله تعالى ولي التوفيق.

.انتقاض ابن المقدم ببعلبك وفتحها.

كان صلاح الدين لما ملك بعلبك استخلف فيها شمس الدين محمد بن عبد الملك المقدم جزاء بما فعله في تسليم دمشق وكان شمس الدولة محمد أخو صلاح الدين ناشئا في ظل أخيه وكفالته فكان يميل إليه وطلب منه أقطاع بعلبك فأمر ابن المقدم بتمكينه منها فأبى وذكره عهده في أمر دمشق فسار ابن المقدم إلى بعلبك وامتنع فيها ونازلته العساكر فامتنع وطاولوه حتى بعث إلى صلاح الدين يطلب العوض فعوضه عنها وسار أخوه شمس الدين إليها فملكها والله تعالى ولى التوفيق.

.وقائع مع الإفرنج.

وفي سنة أربع وسبعين سار ملك الإفرنج في عسكر عظيم فأغار على أعمال دمشق واكتسحها وأثخن فيها قتلا وسبيا وأرسل صلاح الدين فرخشاه ابن أخيه في العسكر لمدافعته فسار يطلبهم ولقيهم على غير استعداد فقاتل أشد القتال ونصر الله المسلمين وقتل جماعة من زعماء الإفرنج منهم هنغري وكان يضرب به المثل ثم أغار البرنس صاحب إنطاكية واللاذقية على صرح المسلمين بشيرز وكان صلاح الدين على بانياس لتخريب حصن الافرنج بمخاضة الاضرار فبعث تقي الدين عمر ابن أخيه شاهنشاه وناصر الدين محمد إلى حمص لحماية البلد من العدو كما نذكره إن شاء الله تعالى.

.تخريب حصن الافرنج.

كان الإفرنج قد اتخذوا حصنا منيعا بقرب بانياس عند بيت يعقوب عليه السلام ويسمي مكانه مخاضة الضرار فسار صلاح الدين من دمشق إلى بانياس سنة خمس وسبعين وأقام بها وبعث فيها الغارات على بلادهم ثم سار إلى الحصن فحاصره ليختبره وعاد عنه إلى اجتماع العساكر وبث السرايا في بلاد الإفرنج للغارة وجاء ملك الإفرنج للغارة على سريته ومعه جماعة من عساكره فبعثوا إلى صلاح الدين بالخبر فوافاهم وهم يقتتلون فهزم الإفرنج وأثخن فيهم ونجا ملكهم في فل وأسر صاحب الرملة ونابلس منهم وكان رديف ملكهم وأسر أخوه صاحب جبيل وطبرية ومقدم الفداوية ومقدم الأستارية وغيرهم من طواغيتهم وفادى صاحب الرملة نفسه وهو ارتيرزان بمائة وخمسين ألف دينار صورية وألف أسير من المسلمين وأبلى في هذا اليوم عز الدين فرخشاه ابن أخي صلاح الدين بلاء حسنا ثم عاد صلاح الدين إلى بانياس وبث السرايا في بلاد الافرنج وسار لحصار الحصن فقاتله قتالا شديدا وتسنم المسلمون سوره حتى ملكوا برجا منه وكان مدد الإفرنج بطبرية والمسلمون يرتقبون وصولهم فأصبحوا من الغد ونقبوا السور وأضرموا فيه النار فسقط وملك المسلمون الحصن عنة آخر ربيع سنة خمس وسبعين وأسروا كل من فيه وأمر صلاح الدين بهدم الحصن فالحق بالأرض وبلغ الخبر إلى الإفرنج وهم مجتمعون بطبرية لإمداده فافترقوا وانهزم الإفرنج والله سبحانه وتعالى أعلم.

.الفتنة بين صلاح الدين وقليج ارسلان صاحب الروم.

كان صاحب رعبان من شمالي حلب قد ملكه نور الدين العادل بن قليج ارسلان صاحب بلاد الروم وهو بيد شمس الدين ابن المقدم فلما انقطع حصن رعبان عن ايالة صلاح الدين وراء حلب طمع قليج أرسلان في استرجاعه فبعث إليه عسكرا يحاصرونه وبعث صلاح الدين تقي الدين ابن أخيه في عسكر لمدافعتهم فلقيهم وهزمهم وعاد إلى عمه صلاح الدين ولم يحضر معه تخريب حصن الإضرار وكان نور الدين محمود بن قليج أرسلان بن داود صاحب حصن كيفا وآمد وغيرهما من ديار بكر قد فسد ما بينه وبين قليج أرسلان صاحب بلاد الروم بسبب اضراره ببنته وزواجه عليها واعتزم قليج أرسلان على حربه وأخذ بلاده فاستنجد نور الدين بصلاح الدين وبعث إلى قليج أرسلان يشفع في شأنه فطلب استرجاع حصونه التي أعطاها لنور الدين عند المصاهرة ولج في ذلك صلاح الدين على قليج وسار إلى رعبان ومر بحلب فتركها ذات الشمال وسلك على تل باشر ولما انتهى إلى رعبان جاءه نور الدين محمود وأقام عنده وراسل إليه قليج ارسلان يصف فعل نور الدين واضراره ببنته فلما أدى الرسول رسالته امتعض صلاح الدين وتوعدهم بالمسير إلى بلده فتركه الرسول حتى سكن وغدا عليه فطلب الخلوة وتلطف له في فسخ ما هو فيه من ترك الغزو ونفقة الأموال في هذا الغرض الحقير بنت قليج ارسلان يجب على مثلك من الملوك الامتعاض لها ولا تترك المضارة من دونها فعلم صلاح الدين الحق فيما قاله وقال للرسول إن نور الدين استند إلى فعلك فاصلح الأمر بينهما وأنا معين على ما تحبونه جميعا ففعل الرسول ذلك وأصلح بينهما وعاد صلاح الدين إلى الشام ونور الدين محمود إلى ديار بكر وطلق ضرة بنت قليج أرسلان للأجل الذي أجله للرسول والله تعالى أعلم.